تعريف التوكل في اللغة والاصطلاح:
التوكل
من مادة (وكل) يقال: وكل بالله وتوكل عليه واتكل : استسلم له. و (وكل إليه
الأمر وَكْلاً ووكولاً: سلمه وتركه. وورجل وُكلة إذا كان يكل أمره إلى
الناس. ورجل وَكل ووَكُلَة و تُكَلَة أي : عاجز يكل أمره إلى غيره ويتكل
عليه. والوكيل الذي يقوم بأمر موكله. وفسر بعضهم الوكيل بالكفيل كالراغب
الاصفهاني. والتوكل إظهار العجز والاعتماد على غيرك ، والاسم التكلان. قال
أبو السعادات:يقال: توكل بالأمر إذا ضمن القيام به ، ووكلت أمري إلى فلان
إذا اعتمدت عليه ، ووكّل فلان فلاناً إذا استكفاه أمره ثقةً بكفايته ، أو
عجزاً عن القيام بأمر نفسه. أ.هـ.
وفي الاصطلاح (أي الشرع) اختلفت
عبارات السلف في تعريف التوكل على الله تبعاً لتفسيره تارة بأسبابه و
دواعيه وتارة بدرجاته وتارة بلازمه وتارة بثمارته وغير ذلك من متعلقاته.
وسبب هذا الاختلاف أن التوكل من أحوال القلوب وأعمالها وهي صعبة أن تحد بحد
أو تحصر بلفظ.
قال ابن عباس: التوكل هو الثقة بالله. وصدق التوكل أن
تثق في الله وفيما عند الله فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك. قال الحسن:
إن من توكل العبد أن يكون الله هو ثقته--الإمام أحمد: هو قطع الاستشراف
بالإياس من الخلق ، وقال: وجملة التوكل تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه
والثقة به -- عبدالله بن داود الخريبي: أرى التوكل حسن الظن بالله -- شقيق
بن إبراهيم: التوكل طمأنينة القلب بموعود الله عز وجل -- الحسن: الرضا عن
الله عز وجل -- علي بن أحمد البوشنجي: التبرئة من حولك وقوتك وحول مثلك
وقوة مثلك -- ابن الجوزي عن بعضهم: هو تفويض الأمر إلى الله ثقةً بحسن
تدبيره -- ابن رجب الحنبلي: هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في
استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها -- ابن حجر:
وقيل: هو قطع النظر عن الأسباب بعد تهيئة الأسباب-- عبدالله بن محمد بن
عبدالوهاب: هو إسناد العبد أمره إلى الله وحده لاشريك له في جميع أموره
الدينية والدنيوية. -وقيل: هو حالٌ للقلب ينشأ عن معرفته بالله والإيمان
بتفرده بالخلق والتدبير والضر والنفع والعطاء والمنع ، وأنه ما شاء الله
كان وما لم يشأ لم يكن ؛ فيوجب له اعتماداً عليه وتفويضاً إليه وطمأنينةً
به وثقةً به ويقيناً بكفايته لما توكل عليه فيه. --عبد القادر الجيلاني:
التوكل هو الخروج من الحول والقوة مع السكون إلى رب الأرباب. -- عبد القادر
الجيلاني: تفويض الأمور إلى الله عز وجل والتنقي من ظلمات الأختيار
والتدبير إلى ساحات شهود الأحكام والتقدير فيقطع العبد ألاّ تبديل للقسمة
فما قُسم له لا يفوته وما لم يُقدّر له لا يناله فيسكن قلبه إلى ذلك ويطمئن
إلى وعد مولاه -- الأمام أحمد: التوكل عمل القلب، ومعنى ذلك أنه عمل قلبي
ليس بقول اللسان و لاعمل الجوارح و لا هو من باب العلوم والإدراكات.--
وقيل:علم القلب بكفاية الرب للعبد -- وقيل: التوكل هو انطراح القلب بين يدي
الرب وهو ترك الاختيار والاسترسال مع مجاري الأقدار -- سهل: التوكل
الاسترسال مع الله مع ما يريد -- وقيل: هو الرضا بالمقدور -- التوكل هجر
العلائق ومواصلة الحقائق -- وقيل: التوكل نفي الشكوك والتفويض إلى مالك
الملوك -- ذو النون: خلع الأرباب وقطع الأسباب ( يريد قطعها من تعلق القلب
بها وليس منع مباشرة الجوارح للأسباب) -- أبو سعيد الخراز: التوكل اضطراب
بلا سكون وسكون بلا اضطراب -- أبو تراب النخشبي: هو طرح البدن في العبودية
وتعلق القلب بالربوبية والطمأنينة إلى الكفاية فإن أُعطي شكر وإن مُنع صبر
-- أبو يعقوب النهرجوري: التوكل على الله بكمال الحقيقة ما وقع لإبراهيم
الخليل عليه السلام في الوقت الذي قال لجبريل عليه السلام: أما إليك فلا --
سهل: التوكل قلب عاش مع الله بلا علاقة -- وقيل: التوكل أن يستوي عندك
الإكثار والإقلال -- وقيل: هو ترك كل سبب يوصلك إلى مسبَّب حتى يكون الحق
هو المتولي لذلك< فيه غلط> -- وقيل: إلقاء النفس في العبودية
وإخراجها من الربوبية -- وقيل: التوكل هو التسليم لأمر الرب وقضائه --
وقيل: هو التفويض إليه في كل حال-- أبن عطاء: التوكل ألاّ تظهر في انزعاج
إلى الأسباب مع شدة فاقتك إليها ، ولا تزول عن حقيقة السكون إلى الحق مع
وقوفك عليها -- وقيل: التوكل هو الأخذ بالأسباب والكفر بها -- ابن جزي:
التوكل هو الاعتماد على الله في تحصيل المنافع أو حفظها بعد حصولها ، وفي
دفع المضار ورفعها بعد وقوعها -- التوكل تمام اليقين بالله -- وقيل: هو
سكون القلب إلى كفاية الله تعالى ، وتفويض الأمور إلى الله تعالى لكفايته ،
والاعتماد عليه تعالى لعلمه وقدرته -- وقيل: التوكل يجمع بين العمل والأمل
مع هدوء قلب وطمأنينة نفس ، واعتقاد جازم أن ما شاء الله كان و ما لم يشأ
لم يكن. -- أبو حيان: والتوكل هو تفويض الأمر إلى من يملك الأمر ويقدر عليه
-- ابن عاشور: التوكل إسناد المرء مهمه وشأنه إلى من يتولى عمله -- أبن
عاشور:انفعال قلبي عقلي يتوجه به الفاعل إلى الله راجياً الإعانة ومستعيذاً
من الخيبة والعوائق -- الفخر الرازي: التوكل هو أن يراعي الأنسان الأسباب
الظاهرة ولكن لا يعول بقلبه عليها بل يعول على عصمة الحق -- صديق حسن خان:
التوكل هو اعتماد العبد على الله في كل الأمور والأسباب وسائط أمر بها من
غير اعتماد عليها -- الصاوي: التوكل هو وثوق القلب بالله تعالى في جميع
الأمور من غير اعتماد على الأسباب وإن تعاطاها -- وقيل: هو اعتماد القلب
على الله في كل الأمور مع إتيان الأسباب المشروعة للبلوغ إلى المطلوب مما
هو خير ومعروف وأمر إدراك المطلوب على الله تعالى مع الرضا بما يتم من ربح
أو خلافه ونجاح وغيره -- القرطبي: تفويض الأمور بالكلية إلى الله تعالى
والاعتماد في كل الأحوال على الله تعالى -- وقيل: عبارة عن الاعتصام بالله
في جميع الأمور ومحله القلب والحركة بالظاهر لا تنافي توكل القلب بعد ما
تحقق للعبد أن التقدير من قبل الله فإن تعسر شىء فبتقديره -- صديق حسن خان:
هو تفويض الأمور إلى الله -- ذو النون المصري: التوكل ترك تدبير النفس
والانخلاع من الحول والقوة -- أبو عبدالله القرشي: التعلق بالله في كل حال
-- الغزالي:الاكتفاء بالأسباب الخفية عن الأسباب الظاهرة مع سكون النفس إلى
مسبب السبب لا إلى السبب-- أبو طالب المكي: التوكل نظام التوحيد وجماع
الأمر -- وقيل: التوكل ترك الإيواء إلاّ إلى الله -- ابن مسروق: التوكل
الاستسلام لجريان القضاء في الأحكام--أبو سليمان الداراني: إذا بلغ (يعني
العبد) غاية من الزهد أخرجه ذلك إلى التوكل. -- وهب بن منبه : الغاية
القصوى التوكل
درجات التوكل( من كلام ابن القيم في مدارج السالكين):
1
- الأولى: معرفة الرب وصفاته من قدرته وكفايته وقيوميته وانتهاء الأمور
إلى علمه وصدورها عن مشيئته وقدرته واليقين بكفاية وكيله وأنَّ غيره لايقوم
مقامه في ذلك
2 - الثانية : إثبات الأسباب ورعايتها والأخذ بها.
3 - الثالثة: رسوخ القلب في مقام التوحيد.
4
- الرابعة: اعتماد القلب على الله واستناده إليه وسكونه إليه بحيث لا يبقى
فيه اضطراب من تشويش الأسباب ولا سكون إليها ، وطمأنينته بالله والثقة
بتدبيره.
5 - الخامسة: حسن الظن بالله عز وجل.
6 - السادسة : استسلام القلب لله وانجذاب دواعيه كلها إليه وقطع منازعته.
7
- السابعة : التفويض: هو إلقاء العبدِ أمورَه كلها إلى الله ، وإنزالها به
طلباً واختياراً ، لا كرهاً واضطراراً. والتفويض هو روح التوكل ولبّه
وحقيقته.
8 - الثامنة: الرضا
ويمكن اعتبار درجاتٍ للتوكل كما يلي :
1- الأولى : أن يكون المتوكل حاله في حق الله سبحانه والثقة بكفالته
وعنايته كحاله في الثقة بالوكيل( هذا توكل العامة) 2- الثانية: حال المتوكل
مع الله تعالى كحال الطفل مع أمه فإنه لا يعرف غيرها ولا يفزع إلى أحد
سواها ولا يعتمد إلا إياها والفرق بين هذه الدرجة والأولى أن هذا متوكل وقد
فني في توكله عن توكله إذ ليس يلتفت قلبه إلى التوكل وحقيقته ، بل إلى
المتوكَل عليه فقط وهي أقوى من الأولى 3- الثالثة: أعلاها ، وتكون باستسلام
القلب لله وانجذاب دواعيه كلها إليه وقطع منازعته ، ويكون بين يدي الله
تعالى في حركاته وسكناته مثل الميت بين يدي الغاسل لا يفارقه (وهو توكل
الخاصة).
أقسام التوكل(مجاله ومتعلقاته)(مراتبه):
1 - توكلٌ العبد على الله في استقامة نفسه وإصلاحها دون النظر إلى غيره.
2
- توكلٌ العبد على الله في استقامة نفسه وكذلك في إقامة دين الله في الأرض
ونصره وإزالة الضلال عن عبيده وهدايتهم والسعي في مصالحهم ودفع فساد
المفسدين ورفعه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
3 - توكلٌ على الله
في جلب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية كالرزق والزواج والذرية والعافية
والانتصار على العدو الظالم أو دفع مكروهاته ومصائبه الدنيوية.
وبين
القسم الثاني والثالث من الفضل ما لا يحصيه إلا الله فمتى توكل عليه العبد
في النوع الثاني حق توكله كفاه النوع الثالث تمام الكفاية ومتى توكل عليه
في النوع الثالث دون الثاني كفاه أيضاً لكن لا يكون له عاقبة المتوكل فيما
يحبه و يرضاه.
4 - توكلٌ على الله في جلب محرم من إثم أو فاحشة أو دفع مأمور به